responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 438
قَرَأْتَ الْقُرْآنَ قصدت قراءته ايها القارئ الطالب لاستكشاف غوامض مرموزاته ومعضلات إشاراته فَاسْتَعِذْ والتجئ أولا بِاللَّهِ المتجلى بصفة الكلام المعجز لقاطبة الأنام الحفيظ لخلص عباده من عموم ما لا يعنيهم من المعاصي والآثام مِنَ وساوس الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ المطرود المبعد عن ساحة عز الحضور برجوم آثار الأوصاف القهرية الإلهية ومن غوائله وتسويلاته التي هي عبارة عن جنود الهوى والغفلات والتخيلات الباطلة والتوهمات المثيرة لانواع الأماني والشهوات
إِنَّهُ اى الأمر والشأن لَيْسَ لَهُ اى للشيطان وجنوده سُلْطانٌ اى استيلاء وغلبة عَلَى الموقنين الَّذِينَ آمَنُوا بتوحيد الله وأيقنوا لحقية كتبه ورسله وباليوم الموعود وعموم ما فيه من العرض والجزاء وَمع ذلك هم عَلى رَبِّهِمْ ومربيهم لا على غيره من الأسباب والوسائل العادية يَتَوَكَّلُونَ يسلمون ويسندون عموم أمورهم اليه اصالة وكيف يكون للشيطان استيلاء على المؤمنين الموقنين إذ هم يعادونه عداوة شديدة ويخاصمون معه خصومة مستمرة ازلية ابدية
إِنَّما سُلْطانُهُ واستيلاؤه عَلَى المبطلين المدبرين الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ ويحبونه ويقبلون منه قوله ويستمعون إغواءه ويطيعون امره واغراءه وَكذا على الَّذِينَ هُمْ بِهِ اى بسبب اغوائه واغرائه ووسوسته مُشْرِكُونَ بالله الواحد الأحد المنزه عن الشريك والولد مطلقا.
ثم قال سبحانه وَمن كمال قدرتنا ووفور حكمتنا نسخ بعض آياتنا وتبديله بالآيات الاخر بالنسبة الى بعض الأعصار والأزمان فانا إِذا بَدَّلْنا آيَةً ناسخة مَكانَ آيَةٍ منسوخة لحكمة ظهرت علينا ومصلحة لاحت لدينا حسب ما جرى في حضرة علمنا وثبت في لوح قضائنا فلا بد ان لا نسأل عن نسخنا وتبديلنا بل عن عموم أفعالنا مطلقا ولا يسند فعلنا الى غيرنا وَكيف يسند فعله سبحانه لغيره إذ اللَّهُ المطلع لعموم ما كان ويكون اطلاع حضور وشهود أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ حسب الأوقات والأزمان فله نسخ ما ثبت واثبات ما نسخ بالإرادة والاختيار ولهذا قالُوا اى المشركون المعاندون حين ظهر في القرآن نسخ بعض الآيات المثبتة فيه واثبات بعض المنسوخات القديمة متهكمين طاعنين إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ اى ما أنت ايها المدعى للرسالة والوحى الا مفتر كذاب قد قلت بقول من تلقاء نفسك ثم ظهر لك ما فيه من السماجة بدلته بأخرى بمقتضى اهويتك وأمانيك ونسبته الى ربك افتراء ومراء مع انك قد أخبرت ان ربك يقول ما يبدل القول لدى وبالجملة كل ذلك اى النسخ والتبديل والإنزال والإرسال من عندنا لحكمة ظهرت علينا بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ حكمة النسخ والتبديل في الاحكام لذلك ينكرونه
قُلْ لهم يا أكمل الرسل ما انا مفتر في هذا النسخ والتبديل بل قد نَزَّلَهُ اى القرآن رُوحُ الْقُدُسِ يعنى جبرائيل عليه السّلام على هكذا وهو منزه عن جميع النقائص فكيف عن الافتراء وأوصاني انه منزل مِنْ رَبِّكَ الذي رباك بأنواع التربية إليك وقد ايدك بهذا الكلام المعجز ملتبسا بِالْحَقِّ وبالصدق المطابق للواقع بلا شائبة شك وتردد فيه وانما أنزله سبحانه لِيُثَبِّتَ ويقرر بامتثال ما فيه من الحكم والاحكام قلوب الَّذِينَ آمَنُوا تثبيتا شديدا وتقريرا بليغا في مرتبة اليقين العلمي وَليكون ايضا هُدىً اى هداية ورشدا للعارفين المتحققين المتمكنين في مرتبة اليقين العيني وَليكون ايضا بُشْرى اى بشارة وتمكينا وتشريفا وتوطينا لأرباب الكشف والشهود في مرتبة اليقين الحقي كل ذلك لِلْمُسْلِمِينَ المسلمين أمورهم كلها الى الله طوعا ورغبة
ثم اخبر سبحانه عن مطاعن المشركين في حق القرآن والرسول فقال وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 438
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست